القيمة القانونية للوثائق الإلكترونية

HG.ORG

ويشهد العراق تطورا واسعا في وسائل الاتصال بعد التطور التكنولوجي الذي سهلت الاتصالات وتبادل المعلومات وظهور الوثائق الالكترونية وهي مستخلصات من الحاسبات الآلية والانترنت ووسائل الاتصال الحديثة مثل الفاكس والتلكس. لذلك أصبح من الضروري وجود قوانين وتعليمات تغطي هذا المجال نتيجة زيادة الاستخدام يوما بعد يوم.

ما هي الوثيقة الإلكترونية؟

هي وسيلة إلكترونية تستخدم في المعاملات ويمكن الاعتماد عليها أو اللجوء إليها لأغراض الإثبات مثل الرسائل الإلكترونية والسجلات الإلكترونية والعقود الإلكترونية والشيكات الإلكترونية وغيرها، حيث تسهل التكنولوجيا الحديثة أعمالاً كانت في السابق مستحيلة لإنجاز يدويا. لقد أتاحت التكنولوجيا في مجال الاتصالات الإلكترونية إمكانية تحقيق التواصل البشري وإتمام المعاملات بسهولة، كما أتاح استخدامها تقديم الخدمات بشكل جيد بمختلف أنواعها في العراق، حيث بدأت الحكومة العراقية منذ سنوات بهذا المشروع الرقمي و وذلك بتحويل نظام المديريات والوزارات واحدة تلو الأخرى إلى النظام الإلكتروني وإحدى هذه المديريات هي تسجيل الشركات، حيث بدأت بتصديق المستندات من خلال طباعة الباركود عليها، وبمجرد مسحها من أي برنامج أو تطبيق، فإنها يتم توجيههم إلى موقعهم أو الموقع ذي الصلة مع الأخذ في الاعتبار أن هذا المشروع قيد الإنشاء ويحتاج إلى وقت لإكماله. وبالتالي أدى كل ذلك إلى وجود خلافات وتساؤلات قانونية حول الأنظمة الرقمية والتكنولوجيا الحديثة من حيث شرائها واستخدامها والحفاظ على سرية المعلومات الموجودة ومن هم الأشخاص المسموح لهم بالوصول إليها وكيفية حفظها، بالإضافة إلى استخدام المواطنين لهذا النظام لأنه في حال إساءة استخدامه فإن ذلك سيهدد سلامتهم ومصالحهم وأمنهم. ويؤدي هذا الاختلاف إلى اتجاهين: الأول هو تعدد استخدامات هذه الوسائل واتساع نطاقها، والثاني هو الحاجة إلى تنظيم قانوني يحدد الإطار القانوني لهذه الاستخدامات. وفي هذا المقال سنناقش القوانين والاتفاقيات التي تغطي هذا الموضوع.

ما هي القوانين المتعلقة بالمعاملات الإلكترونية؟

وكان لا بد من إصدار القوانين والتعليمات الخاصة بهذا النوع من المعاملات، حيث تتيح وسائل الاتصال الإلكترونية الحديثة إنجاز المعاملات المالية بسرعة وبشكل موثوق، كما أن هذه الوسائل لا تخلو من المخاطر. ولا تخلو هذه الوسائل من المخاطر، إذ قد يستغلها البعض لارتكاب جرائمهم عن طريق الاحتيال أو المساس بخصوصية هؤلاء المتعاملين وسرية معاملاتهم. وإذا كان التقدم التقني قد حاول مكافحة الجرائم في مجال الاتصالات ولجأ إلى تشفيرها بما يحفظ سريتها، فإن هذه الإجراءات أدت مع ذلك إلى استغلال الناس لهذه الإجراءات لارتكاب جرائمهم باستخدام وسائل اتصال صعبة المراس. لاختراقها أو التعرف على محتواها، مما يعني أن التقدم التقني قد زود المجرمين بوسائل قوية وفعالة للغاية لارتكاب الجرائم.

المعاملات

وقد صدر هذا القانون ونُشر في الجريدة الرسمية العراقية، إلا أنه لم يطبق على أرض الواقع ولم تعتمد المحاكم العراقية عليه بالشكل الصحيح حتى الآن. وفقًا لقانون الإثبات رقم 107 لسنة 1979، تنقسم المستندات إلى رسمية وعادية؛ اضافة الى الاتفاقيات الموقعة بين العراق والدول الاخرى والتي سيتم ذكرها لاحقا. وحدد هذا القانون أن المحررات الإلكترونية معادلة للوثيقة الورقية من حيث الأساس القانوني، بشرط أن تستوفي شروطا معينة من حيث الحفظ والتخزين والاسترجاع في أي وقت، وعدم تعديل المعلومات الواردة فيها، وأن تكون الصورة الممسوحة ضوئيا للوثيقة تحمل الوثيقة الإلكترونية نفس صفة النسخة الأصلية إذا توافرت الشروط من حيث مطابقة المعلومات والحفظ والتخزين وغيرها. أما بالنسبة للعقود الإلكترونية فقد نص القانون على أن إيجاب العقد وقبوله يمكن أن يتم بالوسائل الإلكترونية وتحديد الموقع، ويعتبر المستند الإلكتروني لا يصدر عن الموقع إذا علم المرسل إليه أن المستند لم يصدر حسب الموقع وغيره من الأمور المخصصة لهذا النوع.

كما شمل القانون الأوراق التجارية والمالية والإلكترونية “الأوراق المالية” حيث يجوز إنشاؤها إلكترونياً بشروط معينة وهي الشروط التي يجب توافرها فيها كما نص عليها القانون وهي قدرة نظام معالجة المعلومات على إثبات صحة الأوراق المالية. الحق فيها والتحقق من التوقيع الإلكتروني لأصحاب العلاقة، حيث يجب أن يكون النظام قادراً على إثبات الحق في الورقة التجارية مع توفير شروط معينة أيضاً، وهي ضمان تداول آمن للورقة التجارية من خلالها، بشكل غير قابل للتغيير وإظهار أسماء أصحاب المصالح في الورقة التجارية. يكون للأوراق التجارية والمالية الإلكترونية الأساس القانوني لورقتها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.

 قانون الإثبات

هناك قصور في قانون الإثبات العراقي، حيث يجب إعادة النظر في نصوصه رغم الإشارة إلى استفادة المحكمة من وسائل التقدم العلمي في استخلاص الأدلة القانونية، إلا أن قانون التوقيع الإلكتروني والمعاملات الإلكترونية كان أكثر وضوحا من خلال نصوصه. ومن الضروري تعديل قانون الإثبات بحيث يتناول بعض أشكال المحررات الإلكترونية الحديثة والأساس القانوني لها في الإثبات، وإعادة النظر في المادة (3) من قانون التوقيع الإلكتروني. ويجب فرض عقوبة جزائية على كل من يرتكب أفعالاً مخالفة لأحكام التوقيع الإلكتروني والمعاملات الإلكترونية.

الفرق بين الوثيقة الإلكترونية والوثيقة الرسمية

المستند الإلكتروني “المستند العادي” هو أي مستند تم توقيعه من قبل أي شخص ويعتبر ورقة عادية، أما المستند الرسمي فهو صادر عن دائرة حكومية موقع من موظف حكومي أو موظف عام. يعتبر قانون الإثبات أن الأساس القانوني للمستند الإلكتروني له نفس قيمة المستند العادي وليس على نفس مستوى المستند الرسمي.

الاتفاقيات المتعلقة بالتوقيع الإلكتروني

وصادق العراق عام 2013 على اتفاقية تنظم أحكام التوقيع الالكتروني في مجال المعاملات الالكترونية في الدول العربية حيث تسري أحكامها على العقود الالكترونية ونظام كتابة العقود والأحكام العامة للعقد من حيث التعبير عن العقد. الوصية وأثرها القانوني وصحتها وقابليتها للتنفيذ، بما لا يتعارض مع أحكام هذه الاتفاقية. أما المسؤول عن خدمات التصديق الإلكتروني فيجب عليه استخدام الآليات والمستندات الموثوقة لإصدار وتسليم وحفظ شهادات التصديق الإلكتروني واتخاذ الوسائل اللازمة لتوفير الحماية القانونية لها. وبذلك تتأكد جهة التصديق من صحة المعلومات الموثقة الواردة في المستندات والارتباط بين الموقع وقسم التدقيق للتوقيع عليها وتحكم الموقع وحده في قسم إنشاء التوقيع الإلكتروني.

شروط الوثيقة الإلكترونية

شروط المستند الإلكتروني هي وجود الكتابة الإلكترونية حيث تضمن القانون عدة شروط وهي:

  • يجب أن تكون المعلومات الواردة في الكتابة الإلكترونية قابلة للحفظ والتخزين بحيث يمكن استرجاعها في أي وقت.
  • أن لا تكون الكتابة الإلكترونية قابلة للتحرير.
  • يجب أن تكون الكتابة الإلكترونية وظيفة من يقوم بإنشائها.
  • إمكانية قراءة الوثيقة الإلكترونية والاطلاع عليها واستمراريتها وثباتها.
  • أساس المستند الإلكتروني هو القوة القانونية للبيانات والمعلومات المستخرجة عبر الإنترنت في إثبات الدعاوى القانونية كأحد أنواع المحررات الإلكترونية.
  • حفظ المستندات الإلكترونية

القانون المعتمد في الوقت الحالي هو حفظ المستندات المكتوبة في القوانين العراقية وحسب النظام القانوني لكل مديرية يلتزم المرسل بحفظ المستند الالكتروني بنفس الشكل الذي تم التصديق عليه وتسليمه ويجب حفظه في مكان حيث يمكن الاطلاع على محتواها طوال مدة صلاحيتها وحفظها بالشكل النهائي والمعلومات عن مصدرها وتاريخ ومكان إرسالها أو استلامها.

الأساس القانوني للتوقيع الإلكتروني

يعد التوقيع الإلكتروني شرطًا مهمًا وأساسيًا في المستند الإلكتروني. في البداية يجب أن يكون التوقيع الإلكتروني مسجلاً لدى الجهات أو المديريات ذات العلاقة بما فيها الهيئة العامة للاتصالات والبريد، ويتم الاشتراك فيها، وتسجيل التوقيع الإلكتروني ليتم اعتماده واعتماده. وبمجرد الانتهاء من إجراءات تسجيل التوقيع الإلكتروني يمكن اعتماده قانوناً. يكون للتوقيع الإلكتروني في نطاق المعاملات المدنية والتجارية والإدارية ذات الأساس القانوني الذي ينص عليه قانون التوقيع في أحكام قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية، مع مراعاة الحالة الفنية والضوابط الواردة في هذا القانون. القانون والاتفاقية أعلاه أو تلك التي تحددها السلطة المختصة.

أنواع التوقيع الإلكتروني

  • يعد التوقيع الإلكتروني من أهم أشكال التوقيع الإلكتروني لما له من قدرة فائقة على التعرف على الأطراف بشكل دقيق ومميز.
  • تحويل التوقيع اليدوي إلى توقيع إلكتروني (التوقيع بقلم إلكتروني).
  • التوقيع باستخدام الميزات الجوهرية (التوقيع البيومتري).
  • التوقيع بكلمة المرور.
  • التوقيع الإلكتروني والتحكيم

التوقيع الالكتروني أصبح معتمدا دوليا ولكن ليس بشكل كامل في العراق، وله أساس قانوني في إثبات ما للتوقيع التقليدي دون اختلاف، وهو ما سينعكس على التحكيم الالكتروني، حيث يلجأ أطراف النزاع إلى التوقيع الالكتروني للتعبير مدى رضاهم عما تم الاتفاق عليه باللجوء إلى التحكيم الإلكتروني. إلا أن القوانين والمواد القانونية للتحكيم في العراق محدودة جداً، وقد ورد ذكرها في القانون المدني في بعض المواد التي تناولت التحكيم باختصار. وبالتالي لا توجد قوة قانونية لقانون التحكيم الإلكتروني ليواكب قانون الإثبات وقانون التوقيع الإلكتروني والمعاملات الإلكترونية وتعديلاته بما يتماشى مع التطور الذي تشهده التكنولوجيا.

الاستنتاج

يجب إعادة صياغة بعض القوانين لتكون متشابهة وتتوافق مع قانون التوقيع الإلكتروني والمعاملات الإلكترونية، حتى تكون المستندات الموقعة إلكترونيا موثوقة وإمكانية استخدام الوسائل الإلكترونية والتوقيع الإلكتروني في العقود التجارية الإلكترونية والاعتماد عليها في المنازعات والتحكيم. لضم العراق إلى مصاف الدول المتقدمة وزيادة الطابع الاستثماري في العراق. كما ينبغي تعديل قانون أصول المحاكمات المدنية العراقي وقانون الإثبات، أو تنظيم قانون جديد لقانون التحكيم يشمل المحررات الإلكترونية والتحكيم الإلكتروني.

كما يجب تشكيل لجان متخصصة لمتابعة تنفيذ هذا القانون وعقد ورش عمل للتعرف على أهمية هذا القانون في إبرام وتنفيذ عقود التجارة الإلكترونية، وينعكس ذلك على زيادة فعالية التحكيم والاستخدام الإلكتروني من قبل المحاكم والمؤسسات. الدوائر الحكومية في تسوية منازعات العقود التجارية الإلكترونية.

لتفاصيل اكثر

محمد رافع

m.rafea@etihad-law.com