المسؤولية المدنية عن إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي الإلكترونية

HG.ORG

الخلفية

بعد التطور التكنولوجي المنتشر في جميع دول العالم بما في ذلك دول العالم الثالث، شكلت منصات التواصل الاجتماعي إحدى وسائل شبكة الإنترنت العالمية ومواقع التواصل والاتصال عبر مختلف البلدان. وشمل هذا التواصل والاتصال جوانب اجتماعية وإنسانية وتجارية وفنية متنوعة وغيرها من الجوانب، من بينها إقامة علاقات دائمة وصداقات واتصالات بين مستخدمي الإنترنت. علاوة على ذلك، فإن تدفق المعلومات ومرونتها، كما سهلتها أجهزة الاتصال الحديثة مثل الكمبيوتر والهاتف المحمول، لهما آثار إيجابية على جوانب الحياة المختلفة. ومع ذلك، فإن هذا التدفق للمعلومات له آثار سلبية على مختلف الجوانب الاجتماعية والثقافية والخاصة لحياة الأفراد سواء على المستوى المحلي أو الدولي. ردًا على مثل هذه إساءة الاستخدام، يمكن أن يكون هناك العديد من الأفراد والكيانات الذين يمكنهم تحمل المسؤولية المدنية تجاه إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. هناك عدة تصنيفات لهؤلاء الأفراد والكيانات اعتمادًا على مسؤوليتهم في الاستخدام؛ هناك من يعملون كوسطاء على الإنترنت ويمثلون مقدمي خدمات الإنترنت، ومقدمي محتوى الإنترنت، وناقلي المعلومات، وأخيرًا؛ مستخدم الإنترنت الذي يُطلق عليه من الناحية التكنولوجية اسم “المستخدم النهائي”. وعلى هذا النحو يمكن تصنيف الالتزامات حسب الفئات المذكورة أعلاه إلى عدة أنواع من الالتزامات منها: المسؤولية الشخصية، ومسؤولية المرؤوس تجاه أفعال مرؤوسه، والمسؤولية الموضوعية. وسنتناول كل منها بالتفصيل في هذا البحث.

يعد البحث الحالي ذا أهمية فيما يتعلق بوسائل التواصل الاجتماعي الناشئة والمنتشرة مؤخرًا حيث أن الغالبية العظمى من سكان العالم، وخاصة في العراق، يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي التي تعد أحد الأجزاء المهمة من الإنترنت. ومن ثم، فإن ذلك يستلزم محاولة الوصول إلى نظام قانوني يتناسب مع طبيعة المسؤولية المدنية الناشئة عن سوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. تدور مشكلة البحث الحالي حول مدى صعوبة تحديد الفرد أو الجهة المقصرة المتسببة في الفعل الضار أو غير القانوني – إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي – وكذلك طرح نظام مسؤولية موضوعية من القواعد الملائمة للتطورات الحاصلة في مجال التكنولوجيا الرقمية أو الرقمية. الإعلام الإلكتروني بشكل عام، ووسائل التواصل الاجتماعي بشكل خاص.

النتائج

  1. وسائل التواصل الاجتماعي هي تقنية حديثة لتوصيل المعلومات ويستخدم فيها الكمبيوتر كوسيلة لتحقيق هذه الغاية. وتتيح هذه الوسائل الاتصالات الإلكترونية وتسمح بتبادل المعلومات والأفكار وغيرها من وسائل التعبير لإبداء الرأي. ويتم تسهيلها من خلال ما يعرف بالمنصات أو المجتمعات الافتراضية. تستفيد وسائل التواصل الاجتماعي أيضًا من تكنولوجيا الويب (أي شبكة الويب العالمية) وتكنولوجيا الهاتف المحمول (أي الهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية وشاشات اللمس) لإنشاء منصات وسائط تفاعلية. ومن خلال هذه المنصات، يتم اقتراح الأفكار وإنشاء المعلومات ومناقشة المحتويات وإنشاء وجهات النظر والآراء.
  2. تعتبر وسائل التواصل الاجتماعي إحدى وسائل التواصل عبر شبكة الإنترنت العالمية والمواقع الإلكترونية وهي روابط اجتماعية سريعة التفاعل وأكثر فعالية من وسائل الإعلام الأخرى. تتعرض الغالبية العظمى من الجمهور من خلفيات ثقافية ومجالات معرفية وانتماءات مختلفة لوسائل التواصل الاجتماعي.
  3. من أهم الأفراد الذين يمكنهم تحمل المسؤولية المدنية تجاه استخدام الإنترنت هم:
  4. مزود خدمة الإنترنت: تمثله في الغالب الشركة التي تتيح لعملائها إمكانية الوصول إلى الإنترنت. على هذا النحو، يعتبر المزود مصدرًا لتدفق المعلومات عبر الشبكة؛ ناشر الموقع؛ والمسؤول الأول عن المعلومات التي تظهر على شبكة الإنترنت.
  5. مزود المحتوى (محتوى الإنترنت): الشركة التي تقوم بتصميم محتوى الموقع على الشبكة مقابل رسوم معينة. يزود الإنترنت بأنواع مختلفة من المعلومات.
  6. مزود الاستضافة: أي شخص طبيعي أو اعتباري يقوم بتخزين التطبيقات والمدونات وسجلات المعلومات لعملائه. وتزويدهم بالوسائل التقنية والمعلوماتية التي تساعدهم في الوصول إلى هذه المعلومات عبر الإنترنت؛ بالإضافة إلى تزويد المواقع الإلكترونية بالنصوص والرسومات والمقالات والمقابلات والأخبار.
  7. ناقل المعلومات: الجهة التي تتولى النقل المادي للمعلومات باستخدام وسائلها التقنية.
  8. مستخدم الإنترنت: الفرد الذي يتصل بموقع على الإنترنت بهدف الحصول على معلومات أو إرسالها.
  9. فيما يتعلق بالمسؤولية الشخصية الناشئة عن سوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، فإنها تتوافق مع الأفعال الضارة التي يقوم بها بعض الأفراد والجهات العاملة على مستوى شبكة الإنترنت العالمية، بما في ذلك:
  • مستخدم الإنترنت إذا تم تحديده: تنشأ المسؤولية الشخصية هنا من الأفعال غير القانونية أو الضارة التي يرتكبها هذا الشخص. وتعتبر هذه الأفعال انتهاكًا لالتزامه القانوني العام بعدم التسبب في ضرر للآخرين على حد علمه، مثل كتابة مدونات مجهولة المصدر غير قانونية أو التشهير أو التشهير وما إلى ذلك.
  • مزود خدمة الإنترنت (من تصرفاته الشخصية): إذا أخل المزود بالتزامه الأساسي تجاه مستخدمي الإنترنت، مثل مراقبة محتوى المعلومات المنشورة على الموقع والتحكم في هذا النشر، فإن ذلك يعتبر إخلالاً بالتزام قانوني سابق بتجنب لتسبب الضرر للآخرين. وتتجسد هذه المسؤولية عند شعوره بالوعي.
  • مزود المحتوى (محتوى الإنترنت): تنشأ المسؤولية عن تصرفاته الشخصية تجاه مستخدمي الإنترنت. ومن ثم فهو مسؤول عن التحقق من قانونية وصدق المعلومات ومحتوى الرسالة المعدة والمنشورة على مواقعه الإلكترونية. ومن ثم فإن مسؤوليته تقع على قدرته الفعلية على التحكم في المعلومات ونشرها.
  • مزود الاستضافة: تنشأ المسؤولية عن تصرفاته الشخصية تجاه مستخدمي الإنترنت. أي إذا أخل المزود بالتزامه الأساسي بمراقبة المواقع التي تم إنشاؤها ومحتوى كل موقع (في حالة خرقه للقانون). علاوة على ذلك، تشمل المسؤولية أيضًا مسؤوليته الشخصية عن خدمة الاستضافة. أي إذا كان يستضيف على موقعه الذي يديره موقعاً مجهولاً لشخص معين.
  • فيما يتعلق بأفعال الآخرين التي تمثل سوء استخدام لوسائل التواصل الاجتماعي، ولا سيما مسؤولية المرؤوس تجاه مرؤوسه، فإنها تتوافق مع الأفعال الضارة لبعض الأفراد والجهات العاملة على مستوى استخدام الإنترنت، بما في ذلك:
  • مسؤولية مزود خدمة الإنترنت: تتمثل في الغالب في مجموعة من الشركات التي تقدم هذه الخدمة أو من خلال عدة شركات تقدم كل منها نفس خدمة الإنترنت وتخضع كل منها للأخرى. وعلى هذا فإن تحقيق المسؤولية يعني ضرورة وجود علاقة انتساب ترتكز على وجود سلطة فعلية للمرؤوس في مراقبة مرؤوسه والإشراف عليه وتوجيهه.
  • ناقل المعلومات: وتمثله وزارة الاتصالات أو هيئة الاتصالات والإعلام تجاه المستخدم المتضرر نتيجة تصرفات مزودي خدمة الإنترنت إذا تعرضوا للجهات المذكورة.
  • فيما يتعلق بالمسؤولية الموضوعية الناشئة عن سوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، نجد أن هذا النوع من المسؤولية يتوافق إلى حد كبير مع طبيعة الفضاء الافتراضي أو الفضاء السيبراني الذي يعد سمة مميزة للإنترنت. كما أنه يتوافق بشكل أكبر مع طبيعة المسؤولين عن شبكة المعلومات أو العاملين فيها. وينطبق هذا على جميع أنواع الجهات العاملة على مستوى الشبكة، ولا سيما شركات الخدمات الوسيطة التي تتحمل المسؤولية على أساس مستوى الضرر فقط وفقا لمبدأ الملوث يدفع.

الاستنتاج

ونقترح أن يضع المشرع العراقي نظاماً قانونياً للمسؤولية المدنية الناشئة عن سوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وتقدير مسؤولية مزود الانترنت على أساس المسؤولية الموضوعية اعتماداً على مستوى الضرر فقط. ويستثنى من ذلك وجود قصد الإساءة أو القصد المتعمد ليتمكن الفرد المتضرر من الحصول على تعويض عن الأضرار التي لحقت به نتيجة التشهير الموجه إليه من حسابات مجهولة على وسائل التواصل الاجتماعي. ويشترط في ذلك أن يكون الفعل الضار الناتج عن سوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ناشئا عن الخدمة التي يقدمها مقدم الخدمة. لذلك نقترح إدراج النص التالي: (يتحمل مزود خدمة الإنترنت المسؤولية عن الضرر الذي يلحق بأي فرد نتيجة سوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وبمجرد إثبات الفرد المتضرر وقوع الضرر، يستثنى من ذلك وجود مخالفة أو نية متعمدة من جانب مقدم الخدمة، بشرط أن يكون الضرر الناتج عن حسابات وسائل التواصل الاجتماعي المجهولة قد نتج عن الخدمة المقدمة من قبل مقدم الخدمة هذا).

ومن ناحية أخرى، إذا حدث سوء استخدام لوسائل التواصل الاجتماعي على مواقع معروفة على هذه الوسائط الاجتماعية، فنقترح على المشرع العراقي أن يفرض المسؤولية على صاحب الموقع المعروف ويقدرها وفق المسؤولية الموضوعية اعتماداً على مستوى الضرر فقط. كما يستثنى من ذلك وجود قصد الإساءة أو القصد المتعمد ليتمكن الفرد المتضرر من الحصول على تعويض عما لحقه من أضرار نتيجة التشهير الموجه إليه من موقع التواصل الاجتماعي المعروف. ولذلك نقترح إدراج النص التالي: (يتحمل مالك موقع التواصل الاجتماعي المعروف المسؤولية تجاه الضرر الذي يلحق بأي فرد نتيجة سوء استخدام نفس الموقع بمجرد إثبات الشخص المتضرر وقوع الضرر، ويستثنى من ذلك وجود نية مخالفة أو متعمدة من صاحب الموقع المعروف بشرط أن يكون الضرر قد نتج عن استخدام نفس الموقع).

حث شركة نقل المعلومات ممثلة بوزارة الاتصالات أو هيئة الاتصالات والإعلام على فرض الرقابة على مقدمي خدمات الإنترنت الخاضعين لهذه الجهات. وتستند مسؤوليتهم على مسؤولية المرؤوس عن أفعال مرؤوسه. ولذلك نقترح إدراج النص التالي: (يكون مرسل المعلومات مسؤولاً عن الضرر الذي يلحقه مرؤوسه مزود خدمة الإنترنت نتيجة الفعل الضار الذي قام به إذا كان الضرر ناشئاً عن جريمة ارتكبها من قبله عند تقديم خدماته أو نتيجة لهذه الخدمات ما دامت له السلطة الفعلية في مراقبة وتوجيه المرؤوس).

لتفاصيل اكثر

احمد حنكاوي

a.hankawi@etihad-law.com